كتابات على جدران الوطن
كتب بدمه على جدران قلبى ..ابكى او لا تبكى ...لا البكاء سيعيد من مات ..ولا التجلد سيجعل منك رجلا
وانت مالك ومالهم....هكذا صرخ فى اخى...دول خونه ولاد ..أحنا خلينا فى نفسنا...مااللى يموت يموت واللى يغور فى داهيه يغور..هما يعنى لما تنقذهم هيمدوا ايديهم فى جيوبهم ويدوك..انت ابوك صرف عليك دم قلبه عشان تطلع دكتور وتنفع نفسك مش عشان تروح تموت نفسك عشانهم"..حقا لم اشعر وقتها انه اخى...شعرت ناحيته بغربه شديدة وكأننى اراه لأول مرة..شعرت اننى اشتاق لأخ هناك..لم أراه من قبل..ولم تحمل خلاياه جيناتنا المشتركه..لم نتقاسم اطباق الطعام وأسرة النوم ولعب الصغار...ولكننا تما تقاسمنا الهموم والأحزان
أقلب الغريب كقلب أخيك ؟!

أعيناه عينا أخيك ؟!

وهل تتساوى يدٌ .. سيفها كان لك

بيدٍ سيفها أثْكَلك ؟
استوقفنى فى كمين بئر العبد قبل العريش ببضعة كيلو مترات..أخذ يقلب فى أوراقى من خلف نظارته البولس ثم خاطبنى دون ان يرفع نظره من على الوراق قائلا:معاك فيجا يادكتور
صعقت من دناءة هذا الطلب الجديد من الرشا..خاصة فى ظل شلال الدم السائل على مقربة منه...عجبت لكل هذا الكم من التناقض البشرى عبر هذه الحدود الفاصله بيننا وبينهم فى الأحلام والآمال والشواغل
أنته ماسمعتنيش ولا ايه يادوكتر
أجبت:كيف تنظر في عيني امرأة ..

أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها
نظر الى فى غضب ثم غمغم:اتفضل امشى
يابشا...الحق ياباشا...فى صندوق زيت تموين جوه فى الكونتانير...هكذا اخذ يصرخ العسكرى الموكل بتفتيش كونتينر الأدوية الداخل عبر المعبر..قبل ان يجن جنون ظابط المخابرات المسئول عن التفتيش فيهجم على مندوب الأغاثة يومسك بتلابيبه وهو يصرخ...يابن ال..انته مش قلتلى أدوية بس وما فيش اكل...ده انا هطلع بوز...يالا ياض لف الترله دى واطلع بره المعبر ..مانتش داخل
تماوجت الصورة فى عينى من دمعه استفزها بأسنا الشديد على انفسنا..فرأيت النسر فوق كتفيه يتغير الى نجمه سداسية الأبعاد
كان يمشي معي..

ثم صافحني..

ثم سار قليلاً

ولكنه في الغصون اختبأ !

فجأةً:

ثقبتني قشعريرة بين ضعلين..

واهتزَّ قلبي - كفقاعة - وانفثأ !

وتحاملتُ ، حتى احتملت على ساعديَّ

فرأيتُ : ابن عمي الزنيم

واقفًا يتشفَّى بوجه لئيم

لم يكن في يدي حربةٌ

أو سلاح قديم،

لم يكن غير غيظي الذي يتشكَّى الظمأ
عندما تقف لأيام طوال بين بابك وباب أخيك الموصد فى وجهك بالحديد والأسوار والأسلاك المكهربه...عندما تختلط لهجات المنتظرين بكل لغة تلعن الحصار..عندما تغلق الأبواب فى وجه كل وجه يحمل قسمات الأنسان,,وعندما يفتح بلا انتظار امام عربات الأمريكان المارة مرور البرقدون حتى الوقوف للتحقق من هوية الداخلين


حينها تعلم
ان الأرض ليست لك
والباب ليس لك
وانما انت مجرد بواب مأجور..او كما يسمى نفسه..عبد المأمور
كيف تنظر في يد من صافحوك..

فلا تبصر الدم..

في كل كف ؟

إن سهمًا أتاني من الخلف..

سوف يجيئك من ألف خلف
دخل على فى استقبال المشفى بعينيه السائحتين المفقوئتين من قنابل الفوسفور اللعينه..أمن العدل ان تذهب تلك العينين الجميلتين..وتبقى اعين الغدر والخيانه تتشفى فى مآسينا
كان اصبر واجلد مما اتخيل
وعندما ذهب الجميع وبقى وحيدا علت وجهه ابتسامه جميلة
حينها ادركت ان البطل لايحتاج عينين ليرا بهما اشباه الرجال
والغادر يحتاج عينيه ليبصر بهما مقعده من النار
لا تصالحْ !

.. ولو منحوك الذهب

أترى حين أفقأ عينيك،

ثم أثبت جوهرتين مكانهما..

هل ترى..؟

هي أشياء لا تشترى
كنت مازلت املك حبائل هوى للدنيا قبل ان اراه ممددا فوق منضده الموت..بوجه احلى من الملائكه وابتسامه من يرى الجنه.وثقبين حارقين فى صدره الصغير.وعينين زائغتين الى مكان لانراه

نزعت عنى رداء الطبيب وجلست بجوار سائق الأسعاف وهتفت به
خدنى معاك على حى الزيتون
هل يصير دمي - بين عينيك - ماءً ؟

أتنسى ردائي الملطَّخَ بالدماء..

تلبس - فوق دمائي - ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب ؟

إنها الحربُ !

قد تثقل القلبَ ..

لكن خلفك عار العرب

القصيدة لاتصالح للشاعر امل دنقل