الدعوة إلى الحق.. فقولا له قولاً لينا :::

من طرف **ريما** الخميس 09 أبريل 2009, 8:08 am

الناس لا تختلف في ضرورة وأهمية الدعوة إلى الحق وإيصالها للآخرين
لأن المشكلة الحقيقية والتي تحدث في معظم المجتمعات لا تكمن في قول الحق أو عدمه
وإنما تكمن في الطريقة التي تستخدم لإيصال هذا الحق.

لأن الدعوة إلى الحق إذا لم يتخذ لها
الأسلوب الأفضل والأمثل مع مراعاة التوقيت المناسب
فإنها سوف تصبح مشوهة ومنفرة للآخرين

أو على الحد الأدنى لا تؤثر هذه الدعوة ذلك التأثير البالغ والمطلوب
كما قال تعالى: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة).

فالباطل إذا عرض بطريقة جيدة وأسلوب متميز فإن الناس سوف تقبله
وتقتنع به وهذا ما قد يلمسه ويلاحظه الجميع
من خلال وسائل الإعلام المؤثرة على سلوك شبابنا لامتلاكها الأدوات والخبرة المناسبة
في القدرة على استقطاب أكبر قدر ممكن من المشاهدين

فعلى سبيل المثال نجد
أن معظم الخلافات التي تحدث بين الزوجين ليست ناتجة من تلفظ أحدهما بألفاظ جارحة أو قاسية على الآخر وإنما عن الطريقة التي يتكلم بها كل منهم.

فلو دققنا النظر في معظم الكلمات التي أدت إلى انشقاق في علاقتنا الاجتماعية
سوف نجدها ألفاظا لا يمكن أن تؤدي إلى خلاف وقطيعة بهذا المستوى.

ولكننا إذا سلطنا الضوء على الطريقة والأسلوب ولغة الجسد التي تحمل هذه الكلمات
فسوف نجد أنها هي السبب الرئيسي في حدوث أي انشقاق بين أبناء المجتمع
لأن الأسلوب واللهجة التي نطق بها الإنسان هي التي تعطي للكلمة مفهوما وتفسيرا مغايرا لمعنى الكلمة
إذا كانت مجردة أو مفردة.

فمثلا كلمة نعم قد يستطيع الإنسان أن ينطقها بطرق مختلفة لتؤدي إلى معان مختلفة
فمن الممكن أن تكون كلمة نعم إجابة عن سؤال
أو تكون للتعجب
أو من الممكن أن تنطق بطريقة تؤدي إلى التأكيد
وأحيانا تؤدي إلى السخرية..
وهكذا

فيحكى انه في زمن ما

كان أحد الحكام أو الخلفاء قد رأى في منامه أن جميع أسنانه قد سقطت
فطلب من ثلاثة علماء تفسيرا لهذا الحلم
فقال العالم الأول
يا سيدي سوف ترى جميع أهلك وأبنائك يقتلون أمامك
فغضب الحاكم وقال اقتلوه
وقال الثاني نفس التفسير
الذي ذكره الأول فأمر الحاكم بقتله أيضا

أما العالم الثالث
فكان حكيما ويمتلك أسلوبا متميزا
فقال للحاكم سوف يطول عمرك فأنت آخر من يبقى من أهلك وأبنائك
فأمر الحاكم بإعطائه المكافأة،

إذا العلماء الثلاثة يتفقون في الإجابة
ولكنهم يختلفون في الأسلوب والطريقة التي تؤدي إلى الإجابة أو إيصال الحقيقة.

حتى المجاملة المطلوبة في التعامل مع الآخرين ليست في المراوغة وعدم قول الحق
وإنما في تسييس الحق ودبلوماسيته
وجعله بطريقة يقبلها الآخرون بكل مرونة ومن دون ردود أفعال سلبية
قد تسيء للداعي إلى الحق.

فمعظم الناس قد تتأثر بالأسلوب والتعامل المرن
والقول اللين في إيصال الحق
أكثر من تأثرها بالحقيقة التي تمتلك حجة دامغة وواضحة
ولكنها تفتقد الحكمة والأسلوب الجيد في إيصالها

كما قال تعالى: (اذهبا إلى فرعون إنه طغى* فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى).